المُشافى
الثلاثاء 20 شباط 2018

مشهد: مكتب الممرضة المناوبة في المؤسسة الطبية. على الحائط صورة شخصية للويس باستور، الرجل الذي اكتشف المصل المضاد لداء الكلب. وراء المكتب ممرضة بلباس ابيض و غطاء رأس. تتثائب الممرضة و تتكلم مع نفسها عبر ملل تام.

“ يا الهي، هذا الملل كافي ليدفع الى الجنون! لو كان لاي احد ان يعضه كلب في مكان ما. على الاقل كائن ما سيأتي هنا. انظر الى دوسيا اغابكينا - يا لروعة عملها. تعمل كمرافق في مركز إنعاش. كل خمس دقائق يحضرون شخص ثمل. واحد منهم يشتِم هنا، و آخر يشتِم هناك، و ثالث يأجج شجار. كأنه عمل في مسرح. كأي وقت مثير. و لكن هنا، اي روح يمكن ان تجف و تذبل قبل ان يعضّها أي احد.”

دخل مراجع. يبدو كأي شيء إلا كغزال.

“صباح الخير، اختي” يبتسم بوجه مطيع.

“صباح الخير”

“حسنا، اختي، هكذا هي القصة—“

“هكذا كيف؟”

“لا احب ان اضايقك، حقيقة… و لكن بالامس ذهبت لزيارة بيت صديق…”

“و كيف يهمني هذا؟”

“عندهم جرو صغير، تعرفين. بوبك، كما يسمونه هم.”

“عضّك؟”

“نعم. كيف عرفتِ؟”

“ما كنت قد اتيت هنا…لنملي استمارة لك”

اخرجت الممرضة استمارة بطول ياردة.

“أوه! أقول، إذا كنا سنملي هذه الاستمارة، سأتأخر عن عملي. ألا يمكنك ان تعطيني الحقنة و تدعيني اذهب؟”

تكلّمت الممرضة بصوت من حديد:

“أيها المريض، ما اسمك؟”

“أوه، أكتبي إذا كان عليك. بوبكوف.”

“ و من عضّك؟”

“بوبك”

“هل من صلة قرابة لك، أم تشابه اسماء؟”

“كفى، أنا رجل، يا أختي!”

“أرى ذلك، ما مهنتك، أيها المريض.”

“أنا لست مريض، أنا عالم إقتصاد.”

“مكان عملك؟”

“شركة شمكوك”

“ماذا كوك؟

“شم”

“شم ماذا؟”

“كوك”

“أيها المريض، هل تعلم عن ماذا تتكلم؟”

“نعم أعرف. هل انتِ تعرفين؟”

“لا أعرف”

“و مع هذا ما زلت تكتبين”

“هذا ليس من شأنك. أجب سؤالي. هل تعرّضت لعضّة من قبل؟”

“و ماذا اذا كنت؟”

مِن مَن، شخصيا، قد عضّك؟”

“في وقت مضى، من بعوض”

“انا اسألك، اي من الثديّات قد عضّك؟”

“حتى الآن، لا ثديّات”

“لم لا؟”

“طعمي ليس بالمستساغ، كما افترض.”

“ارى ذلك. هل لديك اخوات؟”

“لا”

“اخوة؟”

“لا”

“هل عُض احد منهم؟”

“كيف يكون هذا و ليس لدي اي اخوات او اخوة؟”

“ايها المريض، اذا كنت ستصرخ علي، ساحولك الى المراقبين و سوف يربطونك الى السرير. هل عُض اباك او امك من قبل؟”

“يا الهي! من كان ليعض والداي؟”

“و كيف لي ان اعرف، لربمى بعض اصدقائهم…”

“أهذا ما ترينه في الاصدقاء؟”

“هذا ليس ببراعة منك! اجب على اسألتي. اي حيوان عضّك؟”

“قلت لك، جرو”

“رسميا لا يوجد حيوان بهذا الاسم”

“اذن كلب، كلب صغير”

“و لماذا لا تقول كلب”

“هذا ما أقوله لك — ك-ل-ب!!”

“أنثى أم ذكر؟”

“كلبة!”

“أسمع ايها المراجع، إذا كنت ستشتم…”

“كيف لي أن أقول كلب إذا كانت كلبة؟”

“أيها المريض، سأستدعي المرافقين!”

“أنت معضوضة من كلب نفسك!”

“أنا أعمل هنا منذ ثلاث سنين و لم أعض فيها قط.”

تقدم المراجع لها مع نظرة شرسة في عينيه و همس بشهوة:

“الآن ستكونين. تبا لكِ! كررررر”

بدأ لعاب المراجع بالسيلان.

ركضت الممرضة و هي تصرخ:

“يا إلهي! يعاني منه، بسرعة!”

كسّر المراجع كل ما هو موجود و يمكن كسره في الغرفة و اختفى. فاخرجت الممرضة رأسها.

“كما اعتقدت. لقد هرب. سيكسر كل الفخار في المدينة الآن. سيعض الناس يمينا و يسارا”

رفعت سماعة الهاتف و هي تلهث منقطعة الانفاس:

“الو، الو، اعطيني الاسعاف…نعم…هل هذه الاسعاف؟ اسمع، حالة طوارىء! رجل مسعور هرب. ماذا؟ طبعا يعُض. هل اخذ قضمة مني؟ لا اعتقد. نحن نعرف كيف نتعامل معه! نحن اطبّاء متخصصين كما تعرف. يمككننا ان ندفعهم الى الجنون في خمس دقائق باسئلة بسيطة.

فكتور اردوف

من كتاب: جدير بابتسامة، مختارات من فكاهات سوفييتية حديثة، ١٩٦٧.

ترجمة هاني قاسم